أدركت وزارة التعليم أن العملية التعليمية القائمة اليوم هي تلقين المعرفة وتوصيلها بدلا من إنتاجها وابتداعها وفهمها فهما صحيحا على المنهج الرباني الذي يدعونا إلى التدبر والتأمل والفهم والأداء المتقن والإنتاج وهذا المفهوم الإسلامي طبقه الغرب منذ الثورة الصناعية الأولى التي اعتمدت على الماء والبخار في الصناعة وطورته في الثورة الثانية بالاعتماد على الكهرباء والاحتراق الداخلي ثم الثورة الصناعية الثالثة القائمة على التقنية منذ منتصف القرن العشرين وما تبعه من الأتمتة.
أما اليوم ونحن ندخل مرحلة الثورة الصناعية الرابعة كان حريا أن يقود التعليم هذه المرحلة ومن هنا جاءت رؤية المملكة 2030 لتكون قائدة المرحلة وليست متلقية لهذه الثورة القوية.
إن عملية تطوير التعليم والخطط الدراسية الجديدة ماهي إلا نواة التقدم في كافة المجالات والاعتراف العالمي بأن هذه المرحلة هي مرحلة التفوق العلمي من خلال إصلاح وتطوير التعليم وتغيير المناهج لانتاج المعرفة من خلال البحث العلمي والابتكارات والتفكير الإبداعي .
يقول ألفين توفلير في كتابه "صدمات المستقبل " : " إن الأميين في القرن الحادي والعشرين لن يكونوا أولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة ، ولكن أولئك الذين لا يستطيعون التعلم أو لا يستطيعون التخلي عما تعلموه ، أو لا يستطيعون إعادة التعلم " ومن هذا المنطلق يمكن القول أن إدخال مواد جديدة في خطط التعليم السعودي مثل الرقمنة والتفكير الناقد وتطوير العلوم والرياضيات والدراسات الإسلامية والاجتماعية وبحوث التخرج والعمل التطوعي جميعها تصب في هذا الاتجاه ويبقى الدور الأكبر على فرسان الميدان من المعلمين في تطوير أساليبهم التدريسية والابتعاد عن التلقين والاهتمام بإنتاج وتوليد المعرفة وحث الطلاب على ذلك . ومن ثم ينبغي على جميع الطلاب إدراك كل هذا والبدء بالعمل نحو انتاج المعرفة الحديثة كل في مجاله وتخصصه على سبيل المثال :
طالب الدراسات الإسلامية : ينبغي أن يكون قادرا على فهم النصوص الشرعية فهما منبثقا من دعوة القرآن العظيم إلى تدبر المعاني والألفاظ لانتاج خطاب ديني يتسم بالوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف أوالانحراف الفكري وفهم منهج السلف الصالح الذي يدعو إلى التسامح والدعوة بالتي هي أحسن وإنتاج المعرفة من خلال النص القرآني والحديث النبوي فإن هذا القرآن الكريم غزير بالأسرار والاكتشافات التي لاتنضب أبدا حتى قيام الساعة .
طالب اللغة العربية : يجب أن يكون قادرا على التحدث والتعبير عن رغباته وأرائه وأفكاره بلغة واضحة سليمة ، قادرا على الحوار والنقاش وتحليل النصوص والخطابات وفهم الأساليب البلاغية والتواصل مع المجتمعات ببلاغة ولسان فصيح ، تعكس قدراته وابداعاته اللغوية والأدائية والالقائية ، وفهم المنطوق ونقد المكتوب والرد بالحجة والاثبات بالبرهان .
وطالب الدراسات الاجتماعية : تقع على عاتقه مسؤولية دراسة التاريخ والبحث الجغرافي وادراك القيم الاجتماعية والغوص في أعماق التراث والوصول إلى المعرفة واكتشافها والبحث فيه .
وطالب العلوم والرياضيات : ينبغي أن يكون باحثا علميا ومبتكرا للمعرفة ومطورا لها ، وأن لا يتوقف عند تلقي المعرفة بل يجب عليه البحث فيما وراء المعرفة وهو المنهج الرباني قال تعالى ( وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها ) ومن ثم الابتكار والاختراع الذي يعود على البشرية جمعاء بالخير والفائدة .
إننا أمام مرحلة تتفجر فيها المعارف ويتسارع فيها الزمان ولا مكان في وسط هذه المعمعة للتكاسل والتروي بل البدار البدار نحو تطوير أنفسنا ومهاراتنا ومعارفنا لنعود كما كنا قادة العالم مع تجليات رؤيتنا الزاهرة.
كتبه / صالح محمد العتيبي غرة محرم 1443 من الهجرة النبوية.